بين الكارثة البيئية للوقود الاحفوري والحلول النظيفة للطاقة المتجددة

0

يعمل العالم على نقلة كبيرة تتمثل في التوجه من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، فمع تفاقم مشكلة تلوث الهواء، وازدياد التوتر والمخاوف بشأن الاضطراب المناخي التي كان وراء استخدام الوقود الاحفوري و مشتقاته  ، ولكن الان يطفو على سطح اقتصاد العالم موجات وافاق لاقتصاد عالمي جديد، حيث سيطر الاقتصاد المعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح  على مكان الاقتصاد التقليدي القائم على الفحم والغاز بشكل أساسي ,

لا نتجاهل الوقود الاحفوري دوه الهام في انتاج الطاقة وكيف يستخرج من البترول والغاز الطبيعي  والفحم الحجري  ويعمل على تلبية احتياجات الطاقة مع قلة التكاليف الى زيادة نسب الاحتياطي منه لدى الوطن العربي والعالم , فتعد مصر أول الدول العربية إنتاج للبترول إذ بدأت البلاد إنتاجها في عام 1911م من حقل جمسة الذي يعد بحق أول حقل للبترول داخل الوطن العربي ¸كما يمثل أهم مناطق إنتاج واحتياطي البترول في العالم. حتى الان مازالت استراتيجية مصر الأعوام المقبلة تتضمن زيادة إنتاجيتها من الوقود الأحفوري حيث أعلن المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، إن 2018 سيشهد تشغيل مشروع الشركة المصرية للتكرير الجديد بمسطرد، والذى يُعد واحداً من أهم مشروعات التكرير الجديدة، حيث يقوم بمعالجة المازوت وتحويله إلى أنواع خفيفة من وقود ذي جودة عالية مثل والسولار ووقود النفاثات. وأن العام الجاري سيشهد استكمال المرحلة الثانية من مشروع توسعات معمل تكرير ميدور بالإسكندرية لزيادة الطاقة الإنتاجية للمعمل من المنتجات البترولية، بالإضافة إلى الانتهاء من المشروعات الجديدة الجارى تنفيذها بشركة الإسكندرية الوطنية للتكرير.

كما الوقود الأحفوري في تونس  يغطي بصورة شبه كاملة  احتياجاتها المحلية، حيث يأتي أكثر من 90% من القدرة المركبة للطاقة في البلاد من حرق الفحم الهيدروجيني ,في يناير5 201، كانت تقديرات تونس مثبتة من النفط الخام تبلغ 425 مليون برميل , أما بما يخص التغير المناخي فتعتبر تونس من اكثر الدول العربية المتأثرة بتغير الطقس, حيث تشهد درجات الحرارة خلال هذه السنوات ارتفاعا ملحوظا قدّر من طرف الخبراء بأنه الأعلى منذ أكثر من نصف قرن.

اما اليوم  وبعد التغيرات المناخية والتلوث البيئي الحاصل في المنطقة العربية ككل ومصر وتونس كنموذج بسبب الطاقة الاحفورية ومشتقاتها , نشاهد مقترحات بتحويل موارد الطاقة من الطاقة الاحفورية والنفطية الى الطاقة الطبيعية النظيفة كالشمس والماء والرياح وغيرها من الوسائل الطبيعية النظيفة .

فتونس بدأت موخراً ببدء تبنى خطة لاستخدام الطاقة البديلة، والمقترحة من قبل الوكالة الوطنية للحفاظ على الطاقة ، الهدف منها إيجاد وسائل للطاقة المتجددة يمكنها المشاركة بنسبة 30% من مصادر توليد الطاقة الكهربية بحلول 2030، والتي يأتي معظمها من طاقة الرياح والألواح الضوئية.

والمغرب قامت بمشروع للطاقة الشمسية إنجاز خمس محطات لإنتاج الكهرباء من مصدر شمسي في كل من عين بني مطهر وفم الواد وبوجدور وسبخت الطاح، بتكلفة مالية تصل إلى 9 ملايين دولار أمريكي، مما سيمكن المغرب من إنتاج حوالي 2000 ميغاواط من الكهرباء، وذلك في أفق سنة 2020. هذا المشروع سيمكن من الوصول إلى طاقة إنتاجية من الكهرباء تناهز 4500 جيجا واط / ساعة سنويا، أي ما يعادل 18 بالمائة من الإنتاج الوطني الحالي. المغرب يسعى للوصول إلى إنتاج 42% من احتياجاته من الطاقة بحلول عام 2020 من خلال الطاقة الشمسية، وقد تم رفع هذا الهدف إلى 52% بحلول عام 2030, و تصل نسبة الإنتاج الآن تصل إلى 20%، مع العلم أن تكلفة إنتاج الطاقات المتجددة حاليا أعلى من تكلفة الطاقات التقليدية خصوصا في ظل انخفاض أسعار النفط والغاز، لكنها تشكل مستقبل الطاقة في العالم.

اما السعودية فقد صرح  وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح أن المملكة تسعى للاستثمار في ثلاثين مشروعا خاصا بطاقة الرياح والطاقة الشمسية بقيمة تتراوح بين 30 – 50 مليار دولار وذلك بغية المساعدة في الوفاء باحتياجات الطاقة في السعودية وبالتالي بحلولعام 2023 ستكون الطاقة المتجددة تشكل 10% من مجمل إنتاج الطاقة الكهربائية في المملكة.علق الصحفي محمد حسين على خطط السعودية قائلاً: “الاستثمار في الطاقة المتجددة يعتبر فرصة جديدة للمملكة لزيادة صادراتها من النفط و في رأيي الشخصي طموح المملكة ليس قوياً خاص إذا قمنا بمقارنته مع طموح الإمارات والمغرب فبتالي أنا أعتقد أن البيئة ليست من أولويات المملكة”

في مقابلة أجريت مؤخراً مع عدنان أمين, المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومقرها أبو ظبي صرح ان خطط المملكة  بشأن الطاقة الشمسية لديها دافع اقتصادي أقوى من كونه إهتمام بيئي. حيث بدأت تصل درجات الحرارة مع أشهر الصيف حتى 50 درجة مئوية (122 درجة فهرنهايت)  و بتالي يستهلك 25 مليون شخص كمية كبيرة من النفط على مكيفات الهواء وحدها. حيث قدرت الدراسات أن السعودية تستهلك ما يعادل 30% من إجمالي إنتاج النفط لإنتاج الطاقة على المستوى المحلي. وقال عدنان: “لا أعتقد أن السعودية تقوم بذلك من أجل السخاء على كوكب الأرض و تخفيف آثار التغير المناخي بل هذه تمثل فرصة استثمارات ممتازة لهم”

والامارات بدأت مؤخراً في اتخاذ خطوات للحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة حيث أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن خطط لاستثمار 163 مليار دولار في مشاريع تهدف إلى توليد ما يقرب من نصف احتياجات البلاد من الطاقة من مصادر الطاقة المتجدد بحلول عام 2050.

دبي وأبو ظبي – المدن الرئيسية في الإمارات – قد أدت في السابق مبادرات خضراء لفك البلاد من الاعتماد على الوقود الأحفوري. في عام 2013 تمكنت أبوظبي من نقل 20،000 منزل إلى شبكة طاقة شمسية، وبدأت العمل على أربعة مفاعلات نووية مخطط لها, وفي يونيو 2016، أعلنت دبي عن إنشاء محطة للطاقة الشمسية، ستكتمل بحلول عام 2030.

وغيرهم الكثير من الدول  .. نجد كل هذه المحاولات والمقترحات  من المبشرات والمطمئنات  لاستقرار الازمة المناخية في حال تم العمل عليها ولالتزام بها  .

كما انه لن  يساهم هذا التحول في الطاقة على تغيير نظرتنا للعالم فحسب، وإنما سيغير نظرتنا لأنفسنا. فمع تلك الألواح على أسطح المنازل القادرة على تزويد البيوت بالطاقة وشحن بطاريات السيارات، سيكون هناك درجة من الاستقلالية في الطاقة لكل إنسان لم تعرفها البشرية لقرون عدة. كما سنتمكن من الحد من الانبعاثات الكربونية بدرجة كبيرة، الأمر الذي يمهد الطريق لتحقيق الاستقرار في مناخ الكوكب الذي نعيش عليه.

وستتغير علاقتنا مع العالم الطبيعي من علاقة صراع مع الطبيعة إلى علاقة تكامل والعودة إلى الانسجام معها مرة أخرى. وبدلاً من أن نرى أنفسنا بمنأى عن الطبيعة، سنعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزء من النظام الطبيعي. وستحل الألواح الكهروضوئية على أسطح البيوت ومزارع التوربينات التي تدور برشاقة بفعل الرياح، محل تلك المداخن التي تلوث الهواء وتساهم في تغير المناخ.

هذا القرن، مع تحول العالم نحو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فإننا نشهد توطين اقتصاد الطاقة، وبدلاً من أن تأتي الطاقة من الجهة الأخرى من العالم، ستكون الطاقة الخاصة بكل منا قريبة قرب مسافة الأسطح التي تغطي رؤوسنا. وبدلاً من أن يتحكم عدد قليل من الدول في إنتاج معظم طاقة العالم، فإن أصحاب البيوت في كل مكان سيدخلون عالم الطاقة، وينتجون ويديرون إمدادات الطاقة الخاصة بهم.